-->

شريط الأخبار

جامعة إسكس: من زيارة الملكة إلى الريادة الأكاديمية في بريطانيا

في قلب الريف الإنجليزي، وعلى أطراف مدينة كولشيستر التاريخية، نشأت جامعة إسيكس كفكرة جريئة تحولت إلى مؤسسة أكاديمية لا تشبه غيرها. منذ تأسيسها عام 1964، لم تكن مجرد جامعة تقليدية، بل كانت منصة للابتكار، ومنبرًا للحركات الطلابية، ومختبرًا للأفكار التي تتحدى المألوف. هنا، لا تُدرس العلوم فقط، بل تُناقش، وتُعاد صياغتها، وتُختبر في ضوء الفكر الحر.

🏛️ تأسيس جامعة إسيكس

تأسست جامعة إسيكس في عام 1964 وتقع قرب مدينة كولشيستر بإنجلترا. المقر الرئيسي للجامعة يقع في وايفينهو بارك في مقاطعة إسكس، وتنتشر المقرات الأخرى في ساوثيند، لوفتون، وريتل.
وافق مجلس مقاطعة إسيكس على اقتراح قدمه أحد أعضاء المجلس، شارلز ليثرلاند، لتأسيس جامعة في المقاطعة. وتم تأسيس لجنة لهذا الغرض وقدمت هذه اللجنة طلبًا إلى لجنة منح الجامعات لتأسيس جامعة إسيكس. وفي أيار من عام 1961، تم إعلان تأسيس الجامعة وتقرر أن يكون مقرها في وايفينهو، حيث تم اختيار ساحة وايفينهو لإقامة الجامعة الجديدة عليها.
تم تعيين أول الأساتذة في الجامعة في عام 1963، ومنهم:

👨‍🏫 نبذات عن أساتذة جامعة إسكس

1. جون داودن – رياضيات ميكانيكا الموائع

عُيّن أستاذًا في جامعة إسكس عام 1963 وهو في الثالثة والعشرين من عمره فقط، ويُعد من أوائل من أرسوا دعائم البحث العلمي في مجال ميكانيكا الموائع داخل الجامعة. تولّى رئاسة قسم الرياضيات بين عامي 2001 و2005، ويُعرف بأسلوبه التفاعلي في التدريس الذي يمزج بين المعادلات المعقدة والقصص العلمية الملهمة.

2. بيتر تاونسيند – علم الاجتماع

أحد أعمدة علم الاجتماع البريطاني، ساهم في تأسيس قسم علم الاجتماع في إسكس، وكان من أبرز المدافعين عن العدالة الاجتماعية. ترك بصمة أكاديمية وإنسانية عميقة، حيث ربط بين النظرية والميدان، وشارك في صياغة سياسات اجتماعية على مستوى المملكة المتحدة.

3. دونالد دافي – الأدب الإنجليزي

أستاذ الأدب الذي جمع بين الشعر والنقد الأكاديمي، وكان من أوائل من درّسوا الأدب في إسكس. يتميز بأسلوبه التحليلي العميق ونزعته الفلسفية في قراءة النصوص، وقد ألهم أجيالًا من الطلاب ليعيدوا التفكير في العلاقة بين اللغة والهوية.

4. آلان جيبسون – الفيزياء

من أوائل الأساتذة الذين التحقوا بالجامعة، وكان له دور محوري في تطوير برامج الفيزياء النظرية. يُعرف بشغفه بالبحث في الجسيمات الدقيقة، وبأسلوبه التفاعلي الذي يجعل الفيزياء تبدو كأنها قصة كونية تُروى على السبورة.

🎓 الحياة الأكاديمية

في جامعة إسيكس، لا تُقاس الحياة الأكاديمية بعدد المحاضرات أو صفحات الكتب، بل بنبض الفكر الذي يتولد داخل القاعات وبين الأسطر. هنا، تُشجَّع الأسئلة الجريئة وتُحتضن الأفكار غير التقليدية، في بيئة تدمج بين التخصصات وتكسر الحواجز بين النظرية والتطبيق. سواء كنت تدرس الاقتصاد أو علم الاجتماع أو هندسة الأنظمة الإلكترونية، ستجد نفسك جزءًا من منظومة تعليمية تُحفّزك على التفكير النقدي، وتدفعك لتجاوز حدود المعرفة التقليدية. فالجامعة لا تكتفي بتقديم برامج أكاديمية، بل تصنع تجارب تعليمية تُشكّل الشخصية وتُطلق الطاقات الكامنة، وتضم الجامعة مجموعة من الكليات، أبرزها:

  1. كلية العلوم الاجتماعية
  2. كلية القانون والإدارة
  3. كلية العلوم
  4. كلية الهندسة

وتشتمل الجامعة على 18 قسمًا أكاديميًا، وتُعد أقسام الاقتصاد، العلوم السياسية، علم الاجتماع، اللغة واللغويات من بين الأفضل على مستوى أوروبا.

✊ النشاط الطلابي في الستينيات

كانت جامعة إسيكس في طليعة الجامعات التي شهدت حركة طلابية نشطة في الستينيات، مشابهة للحركات الطلابية التي عارضت الحرب على فيتنام. ومن أبرز الأحداث:

  1. في عام 1968، ثار الطلبة ضد زيارة إينوك باول، مما أدى إلى استدعاء 7 طلبة لمجالس الضبط.
  2. تدخلت الشرطة في أيار من نفس العام مع كلاب بوليسية لاعتقال عدد من الطلبة بعد اتهام أحد المحاضرين الزائرين من بورتن داون بأن مؤسسته تعمل في مجال الأسلحة البيولوجية والكيميائية.
  3. كانت هذه أول حادثة في تاريخ الجامعات البريطانية تتدخل فيها الشرطة لاعتقال طلبة.

🏗️ التطوير والتوسع

في السبعينيات والثمانينيات، استحدثت الجامعة عدة مرافق خدمية منها:

  1. مركز للرعاية الصحية
  2. مركز للطباعة
  3. مركز لبيع الكتب
  4. معرض فني كما توسعت في إنشاء مساكن طلابية جديدة.

في عام 2003، تم افتتاح مبنى سكني جديد يستوعب 770 طالبًا. وفي عام 2004، تم إنشاء مبنى جديد يضم قسم هندسة الأنظمة الإلكترونية وجزءًا من قسم علم الحاسوب. كما تم افتتاح قاعة محاضرات كبيرة تتسع لألف شخص في عام 2006، وشهدت البنية التحتية تطورات كبيرة بين عامي 2007 و2009.

👑 زيارة ملكية وإنجازات علمية

في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2004، قامت الملكة إليزابيث الثانية بزيارة رسمية إلى جامعة إسكس، وذلك ضمن فعاليات الاحتفال بالذكرى الأربعين لتوليها العرش (1964–2004). جاءت هذه الزيارة تكريمًا لمكانة الجامعة المتنامية في مجالات البحث والتعليم، خاصة في العلوم الإنسانية والاجتماعية، حيث تُعد من أبرز الجامعات البريطانية في تخصصات مثل علم الاجتماع والفلسفة والعلوم السياسية.
خلال الزيارة، التقت الملكة بعدد من أعضاء الهيئة التدريسية والطلاب، واطّلعت على مشاريع بحثية ومرافق أكاديمية حديثة، مما عزز من مكانة الجامعة في الأوساط الأكاديمية البريطانية. وقد شكّلت هذه المناسبة لحظة تاريخية في سجل الجامعة، وأبرزت دورها كمؤسسة تعليمية مؤثرة في المملكة المتحدة.
جون داودن: أستاذ الرياضيات، بدأ البحوث العلمية في الدراسات العليا في ميكانيكا الموائع عام 1963 وكان عمره 23 عامًا. شغل منصب رئيس قسم الرياضيات من 2001 حتى 2005.

🌍 السمعة والتصنيفات

جامعة إسيكس عضو في مجموعة 1994، ورغم حجمها الصغير نسبيًا، فقد حازت على سمعة عالمية مرموقة في التدريس والبحث العلمي. من أبرز تصنيفاتها:

  1. ضمن أفضل 300 جامعة في العالم حسب تصنيف مجلة التايمز
  2. المرتبة 31 في تصنيف صحيفة الجارديان لعام 2009
  3. تصنيفات جيدة في صحيفة الإندبندنت.

🌟 لماذا تتميز جامعة إسيكس؟

تُعد جامعة إسيكس واحدة من أكثر الجامعات البريطانية تميزًا، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل جوهرية:

  • التميز البحثي: تُصنف ضمن أفضل 20 جامعة في المملكة المتحدة من حيث جودة البحث، خاصة في العلوم الاجتماعية مثل علم الاجتماع والعلوم السياسية.
  • جودة التدريس: حصلت على التصنيف الذهبي من هيئة التميز في التدريس (TEF)، مما يعكس التزامها بأساليب تعليمية مبتكرة وداعمة.
  • بيئة دولية متنوعة: تضم طلابًا من أكثر من 140 جنسية، مما يخلق مجتمعًا عالميًا غنيًا بالتنوع الثقافي والفكري.
  • موقع فريد: يقع الحرم الجامعي الرئيسي في كولشيستر، أقدم مدينة في إنجلترا، ويبعد أقل من ساعة عن لندن، ما يمنح الطلاب تجربة حضرية وتاريخية متكاملة.
  • أثر عالمي: احتلت المرتبة 56 عالميًا في تصنيف Times لتأثير التعليم العالي، وتفوقت في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
  • فرص توظيف قوية: 89% من خريجيها ينخرطون في وظائف أو دراسات عليا، مما يعكس جودة الإعداد المهني الذي تقدمه.

📊 ترتيب جامعة إسيكس عالميًا: تأثير يتجاوز الحجم

رغم أن جامعة إسيكس تُعد من الجامعات الصغيرة نسبيًا من حيث عدد الطلاب، إلا أن حضورها الأكاديمي والبحثي على الساحة العالمية لا يُستهان به. فقد احتلت الجامعة المرتبة 451 عالميًا في تصنيف QS لعام 2025 لتخصصات إدارة الأعمال، كما وصلت إلى المرتبة 692 في تصنيف Scimago للمؤسسات البحثية، و624 في تصنيف British Quacquarelli Symonds. أما في تصنيف Times Higher Education لتخصصات الاقتصاد والأعمال، فقد جاءت في المرتبة 251 عالميًا.
هذا التقدم يعكس التزام الجامعة بالتميز الأكاديمي والبحثي، ويؤكد مكانتها كمؤسسة تعليمية تتحدى التوقعات وتُثبت أن التأثير لا يُقاس بعدد المباني، بل بجودة الفكر وجرأة الطرح.

خاتمة

رغم انطلاقتها من ساحة هادئة في وايفينهو، استطاعت جامعة إسيكس أن تحجز لنفسها مكانًا مرموقًا على خارطة التعليم العالي العالمي. فهي اليوم ليست مجرد مؤسسة أكاديمية بريطانية، بل مركز فكري نابض يضم نخبة من الباحثين والطلبة من مختلف أنحاء العالم. بفضل تميزها في التدريس والبحث، وانتمائها لمجموعة 1994، أصبحت الجامعة ضمن أفضل 300 جامعة عالميًا حسب تصنيف مجلة التايمز، وحققت مراتب متقدمة في تصنيفات الجارديان والإندبندنت. جامعة إسيكس هي تجسيد حي لفكرة أن التأثير لا يحتاج إلى ضخامة، بل إلى رؤية، وجرأة، والتزام لا يتزعزع بالتميز.