الجهاز المناعي: كيف يدافع جسمك عنك؟ دليلك الكامل لفهم مكوناته ووظائفه
مقدمة
في كل لحظة من حياتك، يخوض جسمك معركة غير
مرئية ضد ملايين الكائنات الدقيقة التي تهدد صحتك، فتنتشر في محيطنا الخارجي
والداخلي على حد سواء مليارات المخلوقات الدقيقة التي صنعها الخالق عز وجل وهي
تنتشر في جميع الانحاء، وهذا الأمر يضع الإنسان في قلب معركة دائمة، فنحن نعيش في
قلب هذه المعركة حيث يقف "الجهاز المناعي" كخط الدفاع الأول والأخير،
مجهزًا بآليات مذهلة لحمايتك من الفيروسات، والبكتيريا، والطفيليات، وحتى الخلايا
السرطانية وغيرها من الكائنات الدقيقة.
في هذه المقالة، سنأخذك في جولة داخل هذا
النظام الحيوي المعقد، ونشرح مكوناته، ووظائفه، وكيفية تقويته، وأهم الأمراض التي
تهدده.
ما هو الجهاز المناعي؟
الجهاز المناعي هو شبكة متكاملة من
الخلايا، الأنسجة، والأعضاء تعمل معًا للدفاع عن الجسم ضد العوامل الضارة، ويشار
هنا إلى ان العوامل الضارة هي أي كائنات او مخلوقات مهما بلغ حجمها ومهما اختلف
نوعها، يتميز هذا النظام بالقدرة على التمييز بين "الذات" و"غير
الذات"، فيقضي على الغزاة دون الإضرار بخلايا الجسم السليمة، والحفاظ عليها
من انتقال العدوى والإصابة بأي عارض من العوارض.
مكونات الجهاز المناعي
- الجلد والأغشية المخاطية:
- تمثل
الحاجز الفيزيائي الأول ضد الجراثيم، حيث يمنع وجود الجلد والاغشية المخاطية
دخول الفايروسات والميكروبات إلى جسم الانسان غير ممكن من خلال الجلد بالوضع
الطبيعي لكنه قد يحدث عند الجروح فالجلد يمنع أي كائن غريب من دخول جسمنا،
اما الخلايا المخاطية فهي تقوم بالدفاع عن بوابات الجسم التي تعمل على تحليل
صفة وشخصية كل زائر يحاول الدخول للجسم من غير المرغوبين.
ولكن مع هذه الدفاعات الشديدة
التي تقف على جميع انحاء جسم الانسان لا يمكن القضاء على كل التهديدات ولكن يمكن
الحد منها بصورة كبيرة، وعليه فإنه قد يتسرب لجسم الإنسان أجسام غريبة غير مرغوب
بها كالفايروسات أو الميكروبات أو البكتيريا مما يتسبب بالمرض وهنا يأتي دور خط
الدفاع الثاني في جسم الانسان وهي كريات الدم البيضاء.
- الدم الأبيض (الكريات البيضاء):
هي الجنود الأساسية للجهاز المناعي، فهي تعمل بتحفيز من مركز السيطرة في جسم الانسان على الانتقال من حالة السكون إلى حالة الإستنفار عندما يتم اكتشاف أي اجسام غريبة غير مرغوب بها في أي منطقة من مناطق جسم الانسان، وتشمل خلاليا الدم البيضاء مجموعة من الأنواع: - الخلايا البلعمية: تقوم الخلايا البلعمية
بالتعرف على الجسم الغريب وتقوم بالامساك به ودفعه عنوة إلى تجويفا الذي يحتوي
على إنزيمات حارقة وقوية وبعد ان تقوم بهضم الجسم الغريب تقوم بطرح الفضلات
خارج الخلية، ولهذا النوع من الخلايا دور كبير في تقليل العدوى وإصلاح الأماكن
التالفة في الجسم وتنظيف الجروح وتساعد هذه الخلايا على علاج الجروح
والتأمها.
- الخلايا التائية: تميز الخلايا المصابة
وتدمرها، وتقسم هذه الخلايا إلى عدة أنواع منها الخلايا المساعدة والتي تنشط
الخلايا البائية التي تقوم بإنتاج الاجسام المضادة، كما تقوم بالاستجابة
المناعية، أما النوع الثاني فهي الخلايا التائية القاتلة والتي تعمل على
مهاجمة وقتل الخلايا المصابة بالفايروسات أو السرطانية، والنوع الثالث
الخلايا التائية التنظيمية والتي تقوم بضبط الاستجابة المناعية وتمنع فرط
النشاط الذي قد يسبب أمراضاً ذاتية (أي تمنع الجسم من الذعر)، وأخيرا الخلايا
التائية الذاكرة وهي تقوم بحفظ معلومات وسجل عن مسببات الأمراض في جسم
الانسان (الامراض السابقة)، والهدف من ذلك تسريع الاستجابة المستقبلية لذات
المرض.
- الخلايا البائية: تنتج الأجسام المضادة،
وتتكون هذه الخلايا من عدة أنواع منها الخلايا البائية البسيطة وهي الخلايا
التي لم تتعرض لأي مستضاد وهي جاهزة للعمل بأي لحظة، أما النوع الثاني
الخلايا البلازمية وهي المسؤولة عن انتاج كميات كبيرة من الاجسام المضادة،
وأخيرا الخلايا البائية الذاكرة والتي تقوم بحفظ المستضدات السابقة من أجل
تسريع الاستجابة المستقبلية لأي مرض أخر.
- العقد اللمفاوية:
ترشح المواد الضارة وتخزن الخلايا المناعية، حيث تعتبر العقد اللمفاوية أماكن خاصة بتجمع الجيش الذي يحمي جسم الانسان، حيث تكون تلك العقد اللمفاوية مليئة بكريات الدم البيضاء من الأنواع السابقة تقف جاهزة لمنع انتشار أي مرض والقضاء عليه قبل أن يدخل في عمق جسم الانسان. - الطحال:
ينقي الدم من الخلايا التالفة ويشارك في الاستجابة المناعية، فبعد إنتهاء أي معركة بين المضادات والخلايا البيضاء مع أي جسم غريب يقوم الطحال بالتخلص من فضلات تلك المعركة وبث السموم الموجودة في جسم الانسان لخارجه. - نخاع العظم:
هو المصنع الرئيسي لخلايا الدم البيضاء وهو يقوم بصناعة مليارات الخلاي الدموية بشكل يومي، ويقوم بإستبدال الخلايا التالفة والاستجابة لحالات الطوارئ في حال تم طلب دعم من جهاز المناعة لدى الانسان. - الغدة الزعترية (الثيموس):
تساهم في نضج الخلايا التائية، فبعد انتاج الخلايا التائية في نخاع العظم تنتقل لهذه الغدة من اجل التخصيص في مجال معين دون إيذاء جسم الانسان، ويمكن تشبيه وظيفة هذه الغدة بأنها الكلية الحربية التي يتم تخريج الخلايا التائية وتخصيصها فيها.
كيف يعمل الجهاز المناعي؟
عندما يدخل جسم غريب، مثل فيروس أو
بكتيريا، يتعرف عليه الجهاز المناعي من خلال "مستضداته" ويبدأ بردّ فعل
دفاعي يشمل:
- التعرف على الكائن الغريب من خلال ما
تمتلكه الخلايا من معلومات سابقة عن هذا الكائن الغريب إن كانت قد تعرضت لإصابة
سابقة، وفي كلتا الحالتين تعرفت ام لم تتعرف تنتقل إلى المرحلة الثانية.
- إرسال الخلايا المناعية إلى مكان
الإصابة، بعد تشخيص الجسم الغريب والتعرف عليه يتم نقل الجنود (الخلايا
البيضاء) لمكان المعركة من أجل الإنخراط فيها عن طريق الخلايا المقاتلة
والبلعمة وبعدها تبدأ المعركة بين الكريات البيضاء من جهة والاجسام الغريبة
من جهة أخرى.
- إنتاج أجسام مضادة، وهذا الامر يتم
خلال المعركة حيث يتم انشاء الاجسام المضادة من اجل مقاومة المرض والحفاظ على
ذاكرة قوية حوله من اجل الإختراقات القادمة.
- القضاء على الخطر ثم الاحتفاظ بذاكرة
مناعية للغزاة في حال عادوا.
أنواع المناعة
- مناعة فطرية (غير محددة):
موجودة منذ الولادة، وتستجيب لأي تهديد بسرعة، وهي المناعة التي يخلق عليها الإنسان وهي بالعادة تكون بدرجة أضعف لكنها تتطور مع مرور الوقت. - مناعة مكتسبة (متخصصة):
تتطور مع الوقت بعد التعرض للعوامل الممرضة أو من خلال اللقاحات، وتسمى مكتسبة لأنها تأتي من خلال التطعيمات أو التعرض للإصابات السابقة وهذا الأمر يكتسبه الانسان من خلال التجربة.
أمراض تصيب الجهاز المناعي
- أمراض نقص المناعة مثل: الإيدز (HIV)، ونقص
المناعة الوراثي.
- أمراض المناعة الذاتية مثل: الذئبة
الحمراء، والتصلب المتعدد، والتهاب المفاصل الروماتويدي، حيث يهاجم الجسم
خلاياه عن طريق الخطأ، وقد يندرج ضمن هذا التصنيف السرطانات التي تصيب الدم.
- أمراض الحساسية: مثل الربو، وحمى القش،
وحساسية الطعام.
كيف تعزز جهازك المناعي؟
- التغذية السليمة: احرص على تناول الفواكه،
الخضروات، الثوم، الزنجبيل، والعسل فهي من افضل الأطعمة من اجل الحفاظ على
الجهاز المناعي في جسم الإنسان.
- النوم الجيد: من 7 إلى 9 ساعات يوميًا،
لأن السهر ينهك الجهاز المناعي ويضعف الدورة الدموية.
- ممارسة الرياضة: تساعد على تنشيط الدورة
الدموية والمناعة، وفي الرياضة فائدة من خلال تسريع طرد الأجسام الغريبة خاصة
تلك التي تكون في القنوات العرقية للإنسان.
- تقليل التوتر: الضغط المزمن يضعف
المناعة، فالحالة النفسية للإنسان تؤثر على مناعته ومقاومته للأمراض.
- الابتعاد عن التدخين والكحول.
- الحفاظ على النظافة الشخصية واللقاحات
يقلل من خطر اختراق جسم الانسان ويشكل حاجز من اجل الدفاع عن جسم الانسان.
الجهاز المناعي في الطب الحديث
في السنوات الأخيرة، أصبحت العلاجات المناعية من أبرز الطرق لعلاج السرطان، حيث يتم تدريب جهاز المناعة على مهاجمة الخلايا السرطانية دون التأثير على الخلايا السليمة.خاتمة
الجهاز المناعي هو أعجوبة بيولوجية لا
تُقدّر بثمن. يعمل بلا توقف لحمايتك، ويحتاج إلى دعمك عبر نمط حياة صحي، وتغذية
متوازنة، ونوم كافٍ. فكر في جهازك المناعي كحليفك الأول في معركة البقاء، وامنحه
كل ما يحتاجه ليقوم بدوره على أكمل وجه.