-->

شريط الأخبار

كيف يُقرأ شعر زهير بن أبي سلمى في ضوء النقد الحديث؟

رسم فني يُظهر زهير بن أبي سلمى يقرأ مخطوطة قديمة بجانب سبورة تحمل عنوانًا نقديًا حديثًا، في مشهد يربط الشعر الجاهلي بمناهج النقد المعاصر.

 مقدمة:

زهير بن أبي سلمى، أحد أعمدة الشعر الجاهلي، عُرف بحكمته وعمق تجربته الإنسانية. لكن كيف يمكن أن نعيد قراءة شعره اليوم؟ وهل يظل مجرد صوت قبلي تقليدي، أم أنه يحمل بذورًا نقدية وفكرية تتجاوز زمنه؟ في ضوء مناهج النقد الحديث، تتكشف طبقات جديدة في شعره، تُعيد تشكيل فهمنا له كشاعرٍ مفكرٍ لا مجرد راوٍ.

🔍 أولًا: من الحكمة إلى الفلسفة الأخلاقية

في النقد الكلاسيكي، يُنظر إلى زهير كشاعر "حكيم"، لكن النقد الحديث يعيد تأطير هذه الحكمة ضمن مفاهيم الفلسفة الأخلاقية والسلوك الاجتماعي.

  • مثال نقدي: بيت "ومن لا يَحلمْ عن الجاهل يندمْ" يُقرأ اليوم كدعوة لضبط الانفعالات، وهو ما يتقاطع مع نظريات الذكاء العاطفي الحديثة.

  • رؤية معاصرة: زهير لا يُعلّم فقط، بل يُمارس دور "المُصلح الاجتماعي"، مما يجعله قريبًا من الشعراء التربويين في الأدب العالمي.

🧠 ثانيًا: البناء الفني في ضوء النقد البنيوي

القصيدة الزهيرية، خاصة المعلقة، تُظهر بنية متماسكة تُقرأ اليوم كـ"نص مغلق" وفقًا للنقد البنيوي.

  • التمهيد بالحكمة، ثم المدح السياسي، فـالاعتراف بالزمن والموت، كلها مراحل تُحلل كبنية سردية ذات منطق داخلي.

  • الصور الشعرية ليست مجرد زخرفة، بل أدوات لبناء المعنى، مثل تشبيه الزمن بـ"المنجل" الذي يحصد الأعمار.

🌀 ثالثًا: الذات الزهيرية في ضوء النقد النفسي

زهير لا يكتب من فراغ، بل من تجربة ذاتية مشحونة بالقلق والوعي.

  • النقد النفسي يرى في شعره ملامح "الضمير الأخلاقي"، حيث يُصارع بين الرغبة والواجب.

  • الاعتراف بالزمن، والخوف من الموت، والبحث عن أثر طيب، كلها مؤشرات على وعي وجودي مبكر.

🌍 رابعًا: زهير في سياق ما بعد الاستعمار

في قراءة ما بعد الاستعمار، يُعاد تأويل شعر زهير كصوتٍ مقاوم للسلطة القبلية المطلقة، عبر دعوته للسلام ونبذ الحرب.

  • مدحه للصلح لا يُقرأ كخضوع، بل كوعي سياسي متقدم.

  • نقده للغدر والظلم يُعيد تشكيل صورة "الشاعر كمثقف"، لا مجرد مُطرب قبلي.

📚 خاتمة:

قراءة شعر زهير بن أبي سلمى في ضوء النقد الحديث تكشف عن شاعرٍ متعدد الطبقات: أخلاقي، بنيوي، نفسي، وسياسي. لم يعد مجرد حكيم جاهلي، بل مفكر شعري سابق لعصره، يستحق أن يُدرّس لا بوصفه تراثًا، بل كنص حيّ يُخاطب الإنسان المعاصر.