-->

شريط الأخبار

أخطاء خرائط Google التي أشعلت توترات بين دول متجاورة: حوادث جغرافية كادت تشعل الحروب

Google Maps errors

 في عصر التقنية الحديثة، أصبحت الخرائط الرقمية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ولكن ماذا يحدث عندما تخطئ هذه الخرائط؟ قد تكون العواقب خطيرة لدرجة اندلاع نزاع مسلح بين دولتين! إليك 7 أخطاء ارتكبتها Google Maps أو غيرها من خدمات الخرائط الرقمية، كادت أن تؤدي إلى صراعات دبلوماسية أو عسكرية بين دول متجاورة، نعم هذا صحيح خطأ من خرائط جوجل كاد يشعل صراعات لا تحمد عقباها، وتلك الصراعات تتعلق بالتسميات والمناطق الحدودية، بل في بعض الأحيان أماكن داخل دول ولها دلالة ورمزية، في هذا المقال نستعرض بعض الأخطاء والعواقب التي حدثت بسببها، فيما يلي:

أولاً: حادثة كوستاريكا ونيكاراغوا (2010)

في عام 2010، وقعت واحدة من أغرب الحوادث الجيوسياسية المرتبطة بعالم التقنية، عندما اعتمد الجيش النيكاراغوي على خرائط Google لتحديد موقع حدودي يعود لدولتهم، فوقع في فخ رقمي كاد أن يشعل صراعًا إقليميًا. حيث أظهرت الخرائط، عن طريق الخطأ، منطقة "جزيرة كاليرو" (Isla Calero) الواقعة في دلتا نهر سان خوان، كأنها تابعة لنيكاراغوا، رغم أنها أرض سيادية لكوستاريكا بموجب اتفاقيات دولية سابقة وخرائط رسمية معترف بها دوليًا.

قائد العملية العسكرية النيكاراغوي، الجنرال إدنيو باسكورا, استخدم خرائط Google كدليل لتبرير دخول قواته إلى الجزيرة، بل وقام بزرع العلم النيكاراغوي هناك، وهو ما أثار غضبًا شديدًا في كوستاريكا، الدولة التي لا تملك جيشًا رسميًا منذ عام 1948، لكنها سارعت إلى تقديم شكوى لدى منظمة الدول الأمريكية والأمم المتحدة.

ردت Google لاحقًا بأن البيانات المستخدمة في خرائطها استندت إلى مصادر خارجية وكانت غير دقيقة، مشيرة إلى أن موقع الحدود الحقيقي يختلف عما تم عرضه على الخريطة. وعلى الرغم من أن الأزمة لم تتطور إلى نزاع عسكري مفتوح، إلا أنها سلطت الضوء على مدى حساسية الاعتماد على التكنولوجيا في القضايا السيادية، وكيف يمكن لخطأ بسيط في تمثيل الحدود الرقمية أن يؤدي إلى أزمة دبلوماسية حادة بين دولتين متجاورتين.

ثانياً: الصين والهند – جبال الهيمالايا المتنازع عليها

ساهمت خرائط Google بدور مثير للجدل في النزاع الحدودي المستمر بين الصين والهند، خاصة في منطقة جبال الهيمالايا، عبر عرض خرائط مختلفة للحدود المتنازع عليها حسب موقع المستخدم الجغرافي، مما أثار تساؤلات حول الحياد الرقمي، وفتح الباب أمام حروب سيبرانية صامتة تؤجج الخلافات الجيوسياسية بدل تهدئتها.

التفاصيل:

منطقة لاداخ وأروناشال براديش تعتبران من أبرز نقاط الخلاف بين الصين والهند، حيث تطالب كل دولة بأراضٍ تسيطر عليها الأخرى. وبينما تؤكد الصين سيادتها على أجزاء كبيرة من أروناشال براديش وتصفها بأنها "جنوب التبت"، تصر الهند على أنها جزء لا يتجزأ من أراضيها.

ما زاد الطين بلة هو أن خرائط Google تقوم بتغيير ترسيم الحدود بناءً على الدولة التي يتم فيها تصفح الخريطة:

  • في الهند، تظهر الخريطة المناطق المتنازع عليها ضمن السيادة الهندية.
  • في الصين، تُعرض نفس المناطق على أنها جزء من الأراضي الصينية.
  • أما المستخدمون الدوليون، فيرون خطوطًا منقطة تشير إلى وجود نزاع حدودي.

هذا التغيير التلقائي في الخرائط أثار غضبًا في كلا البلدين، حيث اتهمت الصين Google بترويج “رواية هندية”، بينما هاجم الهنود الشركة لعدم إظهار “حدودهم الرسمية” بشكل صريح في النسخة العالمية من الخريطة.

ورغم محاولة Google التزام الحياد التقني باتباع "السياسات المحلية" في ترسيم الحدود، إلا أن هذا الحياد أظهر في الواقع كيف يمكن للتكنولوجيا أن تتحول إلى أداة تأثير جيوسياسي، قد تسهم في تصعيد الخلافات بدلًا من تهدئتها.

ثالثاً: إسرائيل وفلسطين – الضبابية السياسية

تحولت خرائط Google في السنوات الأخيرة إلى ساحة نزاع رقمي تعكس الصراع الجغرافي والسياسي المعقد بين إسرائيل وفلسطين، إذ اتهم نشطاء ووسائل إعلام فلسطينية Google بـ"طمس الهوية الفلسطينية" من خرائطها. فقد لاحظ المستخدمون أن أسماء المدن والقرى الفلسطينية تُعرض أحيانًا دون توضيح واضح بأنها ضمن الأراضي الفلسطينية، بينما تظهر المستوطنات الإسرائيلية بوضوح كامل، رغم أنها مخالفة للقانون الدولي وفق قرارات الأمم المتحدة.

وفي عام 2016، تفجّرت موجة من الغضب على وسائل التواصل الاجتماعي بعد انتشار خبر مفاده أن Google "حذفت فلسطين من خرائطها"، وهو ما اعتبره البعض محاولة متعمدة لتقويض الهوية الجغرافية والسياسية للشعب الفلسطيني. وعلى الرغم من أن Google برّرت ذلك بأنه "لم يتم إدراج فلسطين أصلًا ككيان مستقل في الخرائط بسبب غياب اعتراف سياسي دولي كامل"، إلا أن هذا التفسير لم يُهدّئ الغضب الشعبي.

وزادت الأزمة تعقيدًا عندما تم تصنيف بعض الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية داخل القدس على أنها ضمن "إسرائيل" فقط، دون الإشارة إلى وضعها القانوني كأراضٍ محتلة وفق القانون الدولي، وهو ما أثار انتقادات واسعة من قبل المنظمات الحقوقية الدولية والناشطين العرب.

هذا التحيز المفترض في تمثيل الحقائق الجغرافية على المنصة الرقمية الأكثر استخدامًا عالميًا ساهم في تعزيز السردية الإسرائيلية لدى جمهور دولي لا يدرك تعقيدات المشهد السياسي في المنطقة، مما أدى إلى تعميق الفجوة بين الواقع الجغرافي والتمثيل الرقمي.

رابعاً: كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية – خطوط النار الرقمية

في شبه الجزيرة الكورية، حيث لا تزال الهدنة بديلاً هشًا عن السلام منذ الحرب الكورية (1950-1953)، أصبحت الخرائط الرقمية – وعلى رأسها خرائط Google – جزءًا من معادلة النزاع غير المعلن بين الكوريتين. فعلى مدى سنوات، واجهت Google انتقادات بسبب التباين الشديد في المعلومات المعروضة بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، وهو ما أثار تساؤلات حول الحياد الرقمي و"الرقابة الجغرافية".

بينما تظهر كوريا الجنوبية بتفاصيل دقيقة للغاية تشمل الطرق والمباني وحتى الشركات الصغيرة، فإن كوريا الشمالية، خاصة العاصمة بيونغ يانغ، ظلت لسنوات عبارة عن مساحات فارغة تقريبًا. هذا الغموض الرقمي فُسر في البداية كنتيجة لقيود النظام الكوري الشمالي على البيانات، إلا أن ظهور بعض التفاصيل لاحقًا – مثل منشآت عسكرية أو سجون – أثار توترًا سياسيًا، حيث رأت بيونغ يانغ أن Google تشارك في ما اعتبرته "تجسسًا رقميًا يخدم مصالح الغرب".

في المقابل، اعتبر ناشطون منشقون عن كوريا الشمالية أن تحديث Google لخرائط البلاد بمساعدة تقارير الأقمار الصناعية ومنظمات حقوق الإنسان يساعد في فضح انتهاكات النظام، خصوصًا في مواقع معسكرات الاعتقال السرية. وقد وصل الأمر إلى أن تكون الخريطة أداة يستند إليها بعض المحققين الدوليين لتوثيق الجرائم.

وإضافة إلى ذلك، فإن خط الترسيم العسكري بين الكوريتين (DMZ) – وهو المنطقة المنزوعة السلاح الأكثر تحصينًا في العالم – غالبًا ما يُرسم بشكل رمزي على الخرائط، لكن ليس دائمًا بطريقة دقيقة أو متوافقة مع الخرائط المحلية الكورية، مما تسبب في التباس سياسي وإعلامي عند عرض الحدود على الشاشات الدولية، وفتح بابًا لتأويلات دبلوماسية حساسة.

خامساً: روسيا وأوكرانيا – شبه جزيرة القرم

منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، أصبحت الخرائط الرقمية ساحة جديدة في صراع السيادة بين موسكو وكييف، ولعبت خرائط Google دورًا محوريًا ومثيرًا للجدل في هذه المواجهة. فبينما تُظهر المنصة القرم كجزء من روسيا لمستخدميها داخل الأراضي الروسية، فإنها تعرضها كجزء من أوكرانيا للمستخدمين في باقي دول العالم، فيما يشبه التلاعب بالحدود وفقًا للجغرافيا السياسية لا الجغرافيا الحقيقية.

هذا التباين لم يكن مجرد قرار تقني، بل عكس انقسامًا جيوسياسيًا عالميًا، إذ اتُّهمت Google بـ"الانحياز السياسي" والتخلي عن الحياد الرقمي، بينما ردت الشركة بأنها تتبع "سياسات التوطين" وتُظهر الحدود كما تراها الحكومات المحلية. ورغم ذلك، فإن هذا الأسلوب أدى إلى تفاقم الشعور بالاستياء لدى الأوكرانيين، الذين رأوا في هذا التصور الرقمي اعترافًا ضمنيًا بالاحتلال، بل إن بعض النشطاء طالبوا بمقاطعة المنصة أو الضغط عليها لإعادة ترسيم الخريطة.

كما استخدم الإعلام الروسي خرائط Google كوسيلة لتأكيد "الواقع الميداني"، مشيرًا إلى أن ظهور القرم كجزء من روسيا "حتى على خرائط شركات التكنولوجيا الأمريكية" يُعد دليلاً على الاعتراف الدولي الضمني. وبذلك، أصبحت الخريطة الرقمية ليست مجرد أداة ملاحة، بل وثيقة سياسية رمزية تحمل وزنًا دبلوماسيًا كبيرًا.

سادساً: الهند وباكستان – كشمير الرقمية

في منطقة كشمير المتنازع عليها منذ عقود بين الهند وباكستان، لم تكن البنادق وحدها أداة المواجهة، بل دخلت الخرائط الرقمية كساحة جديدة للنفوذ والسيطرة الرمزية، وعلى رأسها خرائط Google. بينما تصر الهند على أن كامل إقليم جامو وكشمير جزء لا يتجزأ من أراضيها، تسمح Google بعرض الحدود بطريقة تختلف بحسب موقع المستخدم: فداخل الهند، تُعرض كشمير ضمن الحدود الرسمية للهند، بينما خارجها تظهر كمنطقة متنازع عليها بخطوط حدودية متقطعة، تشير إلى مطالبة كل من الهند وباكستان بأجزاء منها.

هذا العرض المزدوج أثار غضبًا في أوساط هندية اعتبرت أن Google تقوض وحدة الهند وسيادتها، في حين رأى البعض في باكستان أن إظهار الإقليم كجزء من الهند داخل حدودها "تطبيع غير مقبول" للوضع القائم. ووصل الأمر إلى أن بعض الناشطين الباكستانيين شنّوا حملات رقمية تتهم Google بالتحيز السياسي، مطالبين بتعديل الخرائط لتظهر كشمير كمنطقة تحت الاحتلال.

في المقابل، تتذرع Google بما تسميه سياسة "الخرائط المحلية" التي تراعي القوانين الوطنية لكل دولة، إلا أن هذا النهج أدى إلى تعميق الانقسام بدل تهدئته، وجعل من كشمير ساحة صراع جديدة تُخاض فيها المعركة بالأدوات الرقمية بدل المدافع. وهكذا تحولت كشمير على خرائط Google إلى مرآة للصراع، تعكس كل توتر سياسي على الأرض في صورة خطوط وخرائط قد تُقرأ كتأييد أو استفزاز.

سابعاً: سلوفينيا وكرواتيا – نهر درافا

رغم مرور سنوات على انفصال يوغوسلافيا، لا تزال بعض الحدود بين دول البلقان غير محسومة بدقة، مثل المنطقة المحيطة بـنهر درافا، حيث تتداخل المطالب الحدودية بين سلوفينيا وكرواتيا. وقد ساهمت خرائط Google بشكل غير مباشر في تأجيج التوتر بين البلدين، عندما عرضت الحدود بطريقة تُرجّح كفّة كرواتيا في بعض المناطق المتنازع عليها، مما أثار حفيظة المسؤولين السلوفينيين الذين اعتبروا هذا انتهاكًا صريحًا لنتائج التحكيم الدولي التي منحتهم حق السيادة على بعض هذه الأراضي.

لم يقتصر الأمر على السياسة، بل انتقل إلى ردود فعل شعبية غاضبة، حيث انتشرت تعليقات وانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي ضد Google، واتهامات بأنها تعيد رسم الجغرافيا وفق أهواء الدول الأقوى دبلوماسيًا. كما أدت هذه "الخريطة الرقمية المشوّهة" إلى مناوشات إدارية في المنطقة، خصوصًا فيما يتعلق بالسيطرة على الموارد المائية والمجاري الزراعية التي يعبرها النهر.

في النهاية، أصبحت خرائط Google في هذه الحالة ليست مجرد أداة ملاحة، بل لاعبًا غير مرئي في نزاع حدودي حساس، يُعيد تشكيل إدراك السكان والسلطات لمعنى السيادة وحدود الدولة، في منطقة لم تلتئم جراحها بالكامل بعد.

خاتمة:

الخرائط ليست مجرد خطوط على الشاشة، بل قد تكون شعلات نار سياسية! وفي عالم تتسابق فيه الدول على كل شبر، تذكّر أن خطأ صغيرًا في خرائط Google قد يشعل فتيل حرب حقيقية، فقد أصبحت خرائط جوجل بمثابة مستندات رسمية تعتمد عليها دول العالم في ترسيم وتحديد حدودها والدفاع عنها.